كلمة رئيس الوزراء شهباز شريف في الأمم المتحدة: دعوة للحوار والسلام في جنوب آسيا

قال رئيس الوزراء شهباز شريف يوم الجمعة إن باكستان مستعدة لحوار مركب وشامل وموجه نحو النتائج مع الهند بشأن جميع القضايا العالقة

وفي كلمته أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال رئيس الوزراء إن جنوب آسيا تتطلب قيادة استباقية وليست استفزازية. وأضاف أن باكستان كسبت الحرب مع الهند مؤخراً، وتسعى الآن لكسب السلام

الخلافات مع الهند وحق باكستان في المياه

ذكر رئيس الوزراء أن محاولة الهند الأحادية وغير القانونية لتعليق معاهدة مياه الإندوس تتحدى أحكام المعاهدة نفسها، وكذلك أعراف القانون الدولي. وأوضح أن باكستان ستدافع بالتأكيد وبشغف عن الحق غير القابل للتجزئة لشعبها البالغ عدده 240 مليون نسمة في هذه المياه. وقال إن أي انتهاك لمعاهدة مياه الإندوس يمثل عملاً من أعمال الحرب

وتحدث رئيس الوزراء عن العدوان الهندي الأخير، مشيراً إلى أن باكستان تؤمن بالتسوية السلمية للنزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية. وأشار إلى أنه حذر العام الماضي من على هذا المنبر بأن باكستان ستتصرف بأقصى درجات الحسم ضد أي عدوان خارجي

العدوان الهندي ورد باكستان

قال شريف إن باكستان واجهت عدواناً غير مبرر من جبهتها الشرقية. وأضاف أن العدو جاء متوشحاً بالغطرسة لكن باكستان أعادته مهاناً، موجهاً له ضربة موجعة. وقال شهباز شريف إن الهند سعت لاستغلال مأساة إنسانية لتحقيق مكاسب سياسية من خلال رفض عرضه الصادق لإجراء تحقيق دولي مستقل في حادثة بهالجام. وبدلاً من ذلك، قامت، على حد قوله، بمهاجمة المدن الباكستانية واستهداف المدنيين الأبرياء

وأكد أنه عندما تم انتهاك وحدة باكستان الإقليمية وأمنها القومي، كان ردها متفقاً مع الحق في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وأشاد رئيس الوزراء بـ القوات المسلحة الباكستانية الباسلة، التي قامت تحت القيادة الثابتة للمشير سيد عاصم منير بعملية اتسمت بالاحترافية المذهلة والشجاعة والفطنة. وسلط الضوء كذلك على أن هجوم العدو تم صده بواسطة صقور القوات الجوية الباكستانية الذين خطوا ردهم في السماء، مما أسفر عن تحويل سبع من الطائرات الهندية إلى خردة وغبار

جهود السلام والدعم الدولي

كما أثنى شريف على جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل السلام للمساعدة في تجنب حرب أكثر تهديداً في جنوب آسيا. وعبر عن امتنانه للصين، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وأذربيجان، وإيران، والإمارات العربية المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة لتقديمهم الدعم الدبلوماسي لباكستان في هذا الوقت الحاسم

قضية كشمير وفلسطين

سلط شريف الضوء على نضال شعب جامو وكشمير المحتلة بشكل غير قانوني من قبل الهند ضد القمع الهندي، مؤكداً للكشميريين أن باكستان تقف إلى جانبهم، وأن طغيان الهند في كشمير سيتوقف بشكل كامل. وأعرب عن ثقته في أن كشمير ستنال حقها الأساسي في تقرير المصير من خلال استفتاء نزيه تحت إشراف الأمم المتحدة

وفيما يتعلق بـ فلسطين، قال رئيس الوزراء إن الهجوم الإسرائيلي الذي يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية في غزة أطلق العنان لإرهاب لا يوصف ضد النساء والأطفال. وأكد أن باكستان تدعم بقوة مطالب الشعب الفلسطيني بإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف

مكافحة الإرهاب وأفغانستان

أدان شهباز شريف الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، مشيراً إلى أن باكستان كانت في طليعة الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب لأكثر من عقدين، وقد عانت من أكثر من 90,000 ضحية

وقال إن باكستان تواجه اليوم إرهاباً برعاية خارجية، لا سيما من جماعات ممولة من الخارج مثل حركة طالبان باكستان (TTP)، وفتنة الخوارج، وفتنة الهندوستان، وجيش تحرير بلوشستان (BLA) ولواء ماجد التابع له. وذكر رئيس الوزراء أن هذه الجماعات، التي تعمل من الأراضي الأفغانية، مسؤولة عن بعض أبشع الهجمات داخل باكستان، بما في ذلك حادث قطار جعفر إكسبرس المشؤوم في وقت سابق من هذا العام

وقال رئيس الوزراء إن لباكستان مصلحة مباشرة في أفغانستان سلمية. وأضاف أن باكستان تعتقد أن مفتاح التنمية والازدهار يكمن في الاستقرار والتواصل الإقليميين. وتواصل باكستان التعاون مع جميع الشركاء لتقديم المساعدة الإنسانية، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي، وتشجيع إطار سياسي شامل في أفغانستان. وقال إن على الحكومة الأفغانية المؤقتة أن تدعم حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة

وحث شهباز شريف الحكومة الأفغانية المؤقتة على اتخاذ إجراءات فعالة ضد الجماعات الإرهابية وضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية للإرهاب ضد أي بلد

التغير المناخي والتنمية

شدد رئيس الوزراء على ضرورة التناغم والتعايش السلمي، وقال إنه لا يجب أن يكون هناك مجال لخطاب الكراهية أو التمييز أو العنف ضد أي شخص، أو ضد أي دين. وقال إن الأيديولوجيات القائمة على الكراهية، مثل التطرف الهندي القائم على الهندوتفا (Hindutva)، تشكل خطراً على العالم بأسره. ورحب بتعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة لمكافحة الإسلاموفوبيا

وفيما يتعلق بـ التغير المناخي، قال شهباز شريف إن هذه القضية تتطلب أشد الإجراءات الجماعية إلحاحاً. وأشار إلى أن باكستان واجهت فيضانات هائلة تسببت في خسائر ضخمة بلغت 34 مليار دولار ووفاة العديد من الأرواح الثمينة في عام 2022. وفي هذا العام أيضاً، تتعامل باكستان مع فيضان ضخم آخر دمر آلاف القرى. وقال إن ملايين الأشخاص نزحوا، وقتل أكثر من ألف شخص، وجرفت السيول المحاصيل والثروة الحيوانية والممتلكات التي تقدر بمليارات الدولارات في هذه الفيضانات الأخيرة. وذكر أن الفيضانات الكارثية في عامي 2022 و 2025 هي أمثلة صارخة على الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي.

وقال إن باكستان تساهم بأقل من واحد بالمائة من الانبعاثات العالمية سنوياً، ومع ذلك تستمر في مواجهة العبء القاسي للتغير المناخي.

وسلط الضوء على الشراكة الاستراتيجية لباكستان مع الصين، مشيراً إلى أن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، ضمن مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ، يساهم في تقدم باكستان

دور باكستان في الأمم المتحدة

وفي حديثه عن دور باكستان في الأمم المتحدة، قال إنه كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن باكستان تلعب دورها البناء في منع النزاعات. وقال إن الاعتماد بالإجماع للقرار 2788 تحت رئاسة باكستان للمجلس جدد الالتزام الجماعي بالتعددية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والتنفيذ الفعال لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

وكرر رئيس الوزراء أن باكستان ستقف دائماً من أجل السلام، والعدالة، والتنمية، ومن أجل أمم متحدة متجددة وتعددية تعاونية