سقوط مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، في أيدي قوات الدعم السريع، وتصاعد حالة الفوضى القائمة، دعت باكستان مجلس الأمن الدولي إلى التحرك “بوحدة وحزم” من أجل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار، وحماية المدنيين، ومنح الشعب السوداني فرصة لإعادة بناء بلاده.
وقال السفير عاصم افتخار أحمد، المندوب الدائم لباكستان لدى الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن الذي عقد جلسة طارئة يوم الخميس لمناقشة التدهور الحاد في الوضع بإقليم دارفور:
“لقد عانى شعب السودان من معاناةٍ لا يمكن تصورها لفترةٍ طويلة جدًا. لقد حان الوقت لهذا المجلس أن يبعث برسالةٍ لا لبس فيها بأنه لن يبقى متفرجًا سلبيًا بينما يُذبح المدنيون الأبرياء، وتُقصف المستشفيات، ويُستهدف عمال الإغاثة دون عقاب.”
وأضاف السفير أن باكستان تدين بأشد العبارات فظائع قوات الدعم السريع واستيلاءها العنيف على مدينة الفاشر.
وقال:
“نحن مصدومون من مقتل مئات المرضى والعاملين الصحيين في مستشفى السعودية للأمومة، ومن الحصار المستمر الذي حاصر آلاف المدنيين في ظروفٍ لا إنسانية. يجب أن تتوقف هذه الأفعال البشعة فورًا، وأن يُحاسَب مرتكبوها وداعموهم بالكامل.”
بدأ النزاع في السودان في أبريل 2023 عندما تحول الصراع الطويل على السلطة بين القوات المسلحة السودانية (الجيش) وقوات الدعم السريع إلى حربٍ مفتوحة.
وتعود جذور قوات الدعم السريع إلى ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب فظائع في دارفور قبل نحو 20 عامًا، في حين تمثل القوات المسلحة بقايا الحكم العسكري الطويل من الخرطوم.
وقد اشتركت القوتان سابقًا في الحكم بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، لكن الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني أدى إلى انهيار شامل في البلاد.
ما بدأ كصراعٍ على السلطة تحول إلى حربٍ وحشيةٍ اتسمت بعمليات قتلٍ ذات طابعٍ عِرقي، وحصارٍ للمدن، وتشريدٍ جماعي، ومجاعةٍ تجتاح مساحاتٍ واسعة من البلاد.
وقال السفير عاصم أحمد:
“على مدى أكثر من عقدين، شهدنا مأساةً مستمرة في السودان، زادها تعقيدًا التدخل الخارجي والجيوسياسة. إن افتقار مجلس الأمن إلى دعمٍ كاملٍ للحكومة السودانية لا يؤدي إلا إلى تشجيع قوات الدعم السريع وإطالة أمد الصراع، مما يخلق فراغًا تستغله الجماعات المسلحة لارتكاب المزيد من الفظائع وزعزعة استقرار المنطقة.”
وأكد دعم باكستان لسيادة السودان، مدينًا بشدة أي محاولات لإنشاء “هياكل حكم موازية” تُضعف مؤسسات الدولة وتُهدد وحدة البلاد.
وقال:
“من الضروري أن يتعامل المجتمع الدولي بشكلٍ بنّاء مع السلطات السودانية من أجل الحفاظ على مؤسسات الحكم، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ودفع العملية السياسية، والحفاظ على الوحدة الوطنية.”
وأشار إلى أن باكستان تُثمن الخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية في تنفيذ خارطة طريقها الانتقالية، بما في ذلك تعيين رئيس وزراء جديد وحكومة تكنوقراط مكلفة بالتخفيف من المعاناة الإنسانية ودفع عملية انتقالٍ سياسي شامل، معتبرًا إياها تطورات إيجابية تستحق دعم المجلس.
وختم السفير بقوله:
“لا يوجد حلٌّ عسكري لهذا الصراع. يجب أن تصمت البنادق، وأن يتوقف التدخل الخارجي. ندعو إلى وقفٍ فوريٍ لإطلاق النار، وإلى استئناف عمليةٍ سياسية يقودها السودانيون أنفسهم، بما يتماشى مع روح إعلان جدة والالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين في السودان.”
من جانبه، قال توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في مستهل النقاش:
“ما يجري في الفاشر يعيد إلى الأذهان الفظائع التي شهدها إقليم دارفور قبل عشرين عامًا.”

 
				 
				 
				 
				

