في خطوة كبيرة نحو الابتكار الزراعي وتنويع الصادرات، اتفقت باكستان والإمارات العربية المتحدة على إنشاء ثلاث مصانع متطورة لمعالجة التمور في باكستان، ما يمثل فصلًا جديدًا في التعاون الزراعي والتجاري بين البلدين.
تم التوصل إلى هذا الاتفاق خلال قمة افتراضية جمعت وزير الأمن الغذائي والبحوث الوطني الباكستاني، رانا تنوير حسين، ووفدًا إماراتيًا برئاسة السيدة سيميـسولا نيكولا أبيري، المسؤولة الإماراتية عن التعاون الزراعي. ووصفت مصادر مطلعة الاجتماع بأنه “صفقة حلوة”، تهدف إلى الارتقاء بصناعة التمور الباكستانية – التي تُعد بالفعل من بين الأقوى عالميًا – إلى قطاع تصدير عالي القيمة من خلال نقل التكنولوجيا والاستثمار والابتكار.
تُعد باكستان واحدة من أكبر منتجي التمور في العالم، إذ تحصد أكثر من 500 ألف طن سنويًا من أكثر من 100 ألف هكتار، خاصة في إقليمي بلوشستان وسند. وتشتهر البلاد بأصنافها المميزة مثل عسيل، مزوّاتي، دخّي، ربي، بيغم جانغي، كربلاء، وخضري، لما تتمتع به من نكهة غنية وقوام مميز.
وقال الوزير حسين: “تمورنا ليست مجرد فاكهة؛ إنها كنز ثقافي وثروة اقتصادية غير مستغلة بالكامل”، مشيرًا إلى أن صادرات باكستان من التمور تجاوزت بالفعل 50 مليون دولار أمريكي، مع أسواق رئيسية في الإمارات، المملكة المتحدة، ألمانيا، أستراليا وتركيا.
لكنه أشار أيضًا إلى التحديات الحالية، بما في ذلك محدودية القيمة المضافة، والاعتماد المفرط على عدد محدود من الأسواق، والخسائر بعد الحصاد، والفجوات في التغليف والعلامات التجارية. ودعا إلى تعزيز الشراكات التقنية والاستثمارية لتحسين الجودة وضمان الامتثال لمعايير الصحة النباتية (SPS) وتقوية سلاسل التبريد اللوجستية.
وأضاف الوزير: “لدينا الإمكانات الخام، لكننا بحاجة إلى الابتكار والاستثمار لتحويل التحديات إلى نجاحات”، مؤكدًا أن الحكومة ستقدم دعمًا كاملًا لهذه المبادرة.
وأكد الأمين الفيدرالي أمير محي الدين التزام الوزارة بتحديث الزراعة، مشيرًا إلى برامج البحوث التي يجريها مجلس البحوث الزراعية الباكستاني (PARC) والمشاريع التجريبية التي تروج لأصناف التمور المقاومة للمناخ.
وقال: “سيُسهم هذا التعاون مع الإمارات في تعزيز القيمة المضافة، وتوليد فرص عمل، وتحسين دخل المزارعين من خلال جعل التمور الباكستانية أكثر تنافسية عالميًا”.
من جانبها، أشادت السيدة أبيري بجهود باكستان في تحقيق الزراعة المستدامة، وأعلنت عن تسريع تنفيذ مصانع معالجة التمور الثلاثة، مما سيُحفّز تبادل التكنولوجيا والنمو القائم على التصدير.
وقالت: “نحن نسرّع في إنشاء هذه المنشآت لتعزيز القيمة المضافة وتوسيع الوصول إلى الأسواق العالمية”.
وسيتم إضفاء الطابع الرسمي على هذه الشراكة من خلال توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الأمن الغذائي والبحوث الوطني الباكستانية والحكومة الإماراتية. وقد اتفق الطرفان على البدء الفوري في التنفيذ بعد التوقيع، بإشراف مكتب الأمين محي الدين.
وأكد الوزير حسين أن هذا التعاون يتماشى مع الاستراتيجية الزراعية الباكستانية الموجهة نحو التصدير، والتي تركز على تنويع الأسواق، والزراعة القائمة على البحث العلمي، وتمكين صغار المزارعين والنساء العاملات في قطاع التمور.
واختتم الوزير قائلًا: “هذه الشراكة ليست مجرد تجارة، بل تتعلق بسبل العيش وفرص العمل وتعزيز الروابط الأخوية بين باكستان والإمارات”.
ومع اختتام المحادثات، أعرب الجانبان عن تفاؤلهما بأن التمور الباكستانية – المدعومة بخبرة الإمارات في المعالجة – ستزين قريبًا رفوف الأسواق العالمية بجودة أعلى وربحية أكبر. ومن المتوقع أن يحوّل هذا الاتفاق محاصيل الصحراء الباكستانية إلى واحات اقتصادية، مما يعزز مستقبلًا مثمرًا للتعاون الزراعي بين باكستان والإمارات.

 
				 
				 
				 
				

