دقت كاثرين بيكهام، المستشارة المتخصصة في مرحلة الطفولة المبكرة والباحثة، ناقوس الخطر، محذرة أولياء الأمور من الآثار السلبية الناتجة عن إفراط الأطفال في قضاء الوقت أمام الشاشات. وأكدت في تصريحاتها التي نقلتها صحيفة “غارديان” البريطانية، أن أطفال اليوم يدخلون الفصول الدراسية دون امتلاك المهارات الأساسية التي يحتاجونها لبدء تعليمهم بشكل صحيح.
توضح بيكهام أنه على الرغم من أن التوتر يعد أمرًا طبيعيًا في اليوم الأول للطفل في المدرسة، إلا أن من المتوقع أن يكون الأطفال قادرين على استخدام الأدوات المدرسية، تكوين صداقات، وبناء علاقات مع معلميهم. لكن، أظهرت دراسات حديثة أن بعض الأطفال في إنجلترا وويلز غير قادرين حتى على الجلوس أو حمل القلم بسبب نقص المهارات الحركية الأساسية.
التأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الأطفال
خلال العقد الماضي، لاحظت بيكهام أن هناك زيادة ملحوظة في الأطفال الذين يواجهون صعوبة في التفاعل الاجتماعي والتأقلم مع بيئة المدرسة بسبب إدمانهم على الأجهزة الإلكترونية. وأشارت إلى أن الفترات الطويلة التي يقضيها الأطفال أمام الشاشات قد أدت إلى نقص في النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي الحي، مما جعلهم عرضة للعديد من التحديات التعليمية والنفسية.
كما أكدت بيكهام أن جائحة كورونا فاقمت من هذه المشكلة. فعلى الرغم من تأثيرات الوباء على نمو الأطفال، فإن زيادة الاعتماد على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر خلال فترات العزل الاجتماعي قد رسخت هذه العادات السلبية، مما أثر على قدرة الأطفال على اللعب والتفاعل بشكل طبيعي.
ضرورة ممارسة النشاط البدني والتفاعل الاجتماعي
من خلال تشبيهها للأطفال الذين أمضوا وقتًا طويلاً أمام الشاشات، تقول بيكهام إن هؤلاء الأطفال يشبهون الأشخاص الذين قضوا وقتًا طويلاً في الجبيرة؛ فعضلاتهم تضعف ولا يمكنهم الحركة بالطريقة الطبيعية. لذلك، من الضروري أن يُمنح الأطفال الفرصة للركض، اللعب، والتسلق؛ وهي الأنشطة التي تساهم في تطوير قدراتهم الجسدية والعقلية.
أشارت أيضًا إلى دراسة أسترالية تبين أن قضاء الأطفال وقتًا طويلاً أمام الشاشات يقلل من التفاعل الكلامي بين الوالدين والأطفال، وهو ما يؤثر سلبًا على تطور المهارات اللغوية والاجتماعية.
التفاوت الاجتماعي في تأثيرات وقت الشاشة
ما يثير القلق أكثر هو أن هذه الظاهرة لا تؤثر على جميع الأطفال بنفس القدر. حيث أظهرت الأبحاث أن الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية أقل يتعرضون بشكل أكبر للتأثيرات السلبية لاستخدام الشاشات. وأكدت بيكهام أنه من المهم أن يتوافر للأطفال من هذه الفئات بيئات آمنة للعب والنمو، بعيدًا عن تأثيرات الشاشات.
التوجيه الأسري وتوظيف وقت الشاشة بشكل إيجابي
وأخيرًا، دعت بيكهام الآباء إلى التوعية بضرورة استخدام الوقت أمام الشاشات بشكل تفاعلي، بحيث يتم دمج المحتوى التعليمي مع أنشطة تفاعلية تربط الطفل بالعالم من حوله. وأكدت أن التكنولوجيا يمكن أن تكون مفيدة إذا تم استخدامها بشكل مدروس ومسؤول لدعم التطور المعرفي والاجتماعي للأطفال.



